بسم الله الرحمن الرحيم
ألك همة في دعوة الناس إلى الحق كهمة أهل الباطل في دعوتهم إلى باطلهم . أيها المسلم الحبيب : - ألك همه في دعوة الناس إلى الحق الذي أنت عليه كهمة أهل الباطل في دعوتهم لباطلهم ؟ - هل لك أنت تتعلم الجدية في الدعوة لهذا الحق الذي أنت عليه؟ تتعلم هذه الجدية من أهل الباطل. إننا نهدي هذه الصورة للدعاة لدين الله تعلى ، ونقول لهم أنتم أولى بهذه الهمة ن أهل الباطل الذين لا يغفلون عن هدفهم الذي حددوه في إضلال الناس وأخذهم عن طريق ربهم المستقيم. فنقول لك أيها الحبيب : · ألك همة في الدعوة لهذا الحق كهمة الشيطان في دعوة الناس إلى الباطل وأخذهم إلى ما يريد ؟ استمع أيها الحبيب وأنظر وأبصر إلى همة الشيطان، فالشيطان عندما أمره الله تعلى أن يسجد لآدم أبى وأستكبر وكان من الكافرين ، أليس كذلك ؟ فهذا أمر معلوم كما قصه علينا ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم ، فلما عتى الشيطان عن أمر ربه طرده الله سبحانه ، وقال له : ﴿ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا ﴾[ الأعراف : 18] ﴿ فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِين ﴾[ الأعراف : 13]. فطرد الشيطان شر طرده ، وخرج يجر أذيال الخيبة والعار. ولكن ... أتدري أيها الحبيب ما هو العهد الذي أخذه الشيطان على نفسه ؟ ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِم ْوَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَتَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾[ الأعراف : 16 ، 17]. وقال لربه : ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْم ِالْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّقَلِيلاً ﴾[ الإسراء : 62]. فطلب الشيطان من ربه أن يمهله وينظره إلى يوم القيامة ، وأقسم بعزة الله لئن كان ليستولين عليهم وليسوقهم إلى أودية الغواية والضلال حتى يهلكوا مثله ﴿ إَلاَّقَلِيلاً ﴾ منهم ممن أخلصوا دينهم لربهم ، فما للشيطان عليهم من سلطان فأمهله الله تعلى هذه المهلة . وقال للشيطان : ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم ْبِصَوْتِكَ وَأَجْلِب ْعَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَايَعِدُهُم ُالشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا ﴾ [ الإسراء : 64] . فلقد أذن الله تعالى لإبليس أن يعمل ما استطاع في إضلاله لاتبعاه وأن يستخفف منهم بدعائه إلى الباطل بأصوات المزامير والأغاني ، وصور الملاهي وأنديتها مجمعياتها ، وأن يصيح فيهم بخيله وركبانه ومشاته وجنده أجمعين وأن يسوقهم جميعا على بني أدم لإغوائهم وإضلالهم وان يحملهم على أكل الربا وجميع الأموال الحرام ، وأن يزين لهم الزنا والفجور ، وفوق كل ذلك يعدهم بالأماني والوعود الكاذبة أنه لا بعث ولا حساب ولا جزاء . ولقد أقسم الشيطان على إغوائهم وإضلالهم : ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)إِلَّاعِبَادَك َمِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ ص : 82 ، 83 ]. أترى أيها الحبيب : إن الشيطان قال هذا الكلام وأخذ على نفسه هذه العهود من باب حفظ ماء الوجه أم من باب العزم والتصميم ، وكان صادقا في عزمه ، فوفى بذلك العزم . ترى أن الشيطان غفل عن هذا العهد والوعد الذي أخذه على نفسه ؟ ترى أن الشيطان كل وتعب أو نصب مع طول المدة من أجل تحقيق ما وضعه هدفاً نصب عينيه ؟ فاستمع أيها الحبيب الى قول ربك سبحانه : ﴿ وَلَقَدْصَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّن َالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ سبأ : 20]. ﴿ وَلَقَدْأَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّاكَثِيرًا أَفَلَم ْتَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾ [ يس: 62]. أتدري أيها الحبيب الى ما يدعوا إليه الشيطان ؟ ﴿ إِنَّمَايَدْعُوحِزْبَهُ لِيَكُونُوامِن ْأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [ فاطر : 6]. وما سبيل الشيطان لتحقيق ذلك الهدف ؟ ﴿ اسْتَحْوَذَعَلَيْهِمُ الشَّيْطَان ُفَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَان ِهُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجالة : 19] فنقول لك أيها المسلم الحبيب: فهل لك همة كهمة الشيطان في دعوته الى باطله ، إنه كما ترى وتسمع وتبصر لايكل ولا يتعب ولاينصب ولا يغفل عن هدفه ، فهلا تمثلت بالشيطان في همته ، فأنت أولى بذلك ، ألست على الحق ، وهو على الباطل ؟ · صورة أخرى ( فرعون الطاغية). أنظر الى فرعون وكيف حاول فرض وصيته على الناس ، وحاول التشنيع بأهل الحق ، وإلقاء التهم على الناظر ؛ لكي ينفر الناس عن الداعي لدين الله ، وكذلك كيف يسعى لتلقين الناس الأجابة ؛ إلغاء لتفكيرهم وعقولهم ، ومحاولة لتسفيه مكانة الداعي عند الناس ، فيقوم في الناس خطيباً يتكلم بلغة المشفق على قومه : ﴿ ذَرُونِي أَقْتُل ْمُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّه ﴾ [غافر :26]. ما الدافع لذلك؟ الدافع الذي يظهره هو خوفه على قومه من أن يضلهم هذا الداعي . ﴿ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُم ْأَوْأَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَاد﴾ [ غافر :26]. ولم يقف به الأمر عند ذلك الحد ، ولكن قال في بجاحة ووقاحة : ﴿ مَا أُرِيكُمْ إِلَّامَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّاسَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غافر : 29]. بل أنظر كيف يحاول تأليب الناس على الداعي ليأخذوا منه موقف العداء. ﴿ قَال َفِرْعَوْن ُوَمَا رَبّ ُالْعَالَمِينَ ﴾ [ الشعراء : 23]. قال لهم موسى: ﴿ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَابَيْنَهُمَ اإن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴾ [الشعراء :24]. فقابل ذلك بسخرية وقال عند ذلك لمن حوله: ﴿ قَالَ لِمَن ْحَوْلَهُ أَلَاتَسْتَمِعُونَ ﴾ [ الشعراء :25]. فقال لهم موسى : ﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾[ الشعراء 26]. فعلق زيادة في التنقيص من شأن هذا الداعي أمام القوم ، وإلقاء للتهم التي تنفر القوم منه . ﴿ إِنَّ رَسُولَكُم ُالَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾ [ الشعراء :27]. ولم يكتفي فرعون بذلك : ولكنه عقد مقارنة بينه وبين موسى عليه السلام لحشد الرأي العام ؛ لكي يقرروا من خلال عرضه أنه هو الأولى بالإتباع ، فع المعطيات معه لامع موسى ، فقال موجها هذا الكلام للقوم : ﴿ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْك ُمِصْرَوَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51)أَم ْأَنَاخَيْرٌمِّن ْهَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَايَكَادُ يُبِينُ (52)فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌمِّن ذَهَبٍ أَوْجَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53)فَاسْتَخَفّ َقَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [ الزخرف : 53 ]. وقام بحشد الرأي العام ؛ حتى لا يلام على تصفه ، بل وكأن القرار الذي اتخذه تجاه هذا الداعي هو مطلب جماهيري ، وهو قام بالتنفيذ فقط ، فقال لقومه : ﴿ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌعَلِيمٌ (34)يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّن ْأَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ [ الشعراء : 34 ، 35 ]. فردوا عليه قائلين : ﴿ قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَث ْفِيالْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36)يَأْتُوكَ بِكُل ِّسَحَّار ٍعَلِيمٍ ﴾ [ الشعراء : 36 ، 37 ]. وزاد من تكبره واستكباره وعتوه وإضلاله لقومه : ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْن ِلِي صَرْحًالَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36)أَسْبَابَ السَّمَاوَات ِفَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ﴾ [غافر : 36 ، 37 ] . - فما قولك في همة فرعون لدعوة وحمل قومه على الباطل ، . - ألك همة كهمة فرعون ، إنه لم ينام ولم يتعب وهو يدافع عن باطله بكل وسيلة من الوسائل وهو يمكر بقومه ليلا ونهارا ؟. · صورة أخرى ( اليهود والنصارى). يستخدمون الترغيب والترهيب في دعوتهم لباطلهم . ﴿ وَقَالُواْكُونُواْ هُودًا أَوْنَصَارَى تَهْتَدُواْ ﴾ [ البقرة : 135]. ﴿ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّة َإِلاَّمَن كَان َهُودا ًأَوْنَصَارَى ﴾ [ البقرة : 111]. بل انظر كيف يدعون الى باطلهم بكل وسيلة من الوسائل : ﴿ وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّن ْأَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِي َأُنزِلَ عَلَى الَّذِين َآمَنُوا ْوَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُم ْيَرْجِعُونَ ﴾ [ آل عمران : 72]. ﴿ وَإِذَالَقُوكُم ْقَالُوا ْآمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا ْعَضُّوا ْعَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ﴾ [ آل عمران : 119]. أتدري أيها الحبيب ما هدفهم؟ ﴿ وَلاَيَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى َيَرُدُّوكُم ْعَن دِينِكُم ْإِن ِاسْتَطَاعُواْ ﴾ [البقرة : 217].. ﴿ وَدُّوا ْلَوْ تَكْفُرُونَ كَمَاكَفَرُوا ْفَتَكُونُون َسَوَاء ﴾ [ النساء : 89 ]. فهل نكلوا عن هدفهم أو مطلبهم الاسمي في إضلال المسلمين ،. كلا ، والله ، بل مع كل يوم ، بل مع كل لحظة تمر تزداد همتهم دون كل أو تعب أو نصب ، وكأنهم ما عاشوا إلا لهذا الهدف . فهذه صور مهداة للدعاة لدين الحق ، لدين ربهم سبحانه . فنقول لك أيها المسلم : - الست على حق ؟ - فلماذا ذلك التقاعص والتخاذل ؟ · انظر إلى دفاع أهل الباطل عن باطلهم ، وعن آلهتهم الباطلة . فماذا فعلوا بإبراهيم عليه السلام ؟ ﴿ قَالُواحَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُم ْإِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [ الأنبياء : 68 ]. فأنت أولى أيها المسلم بالدفاع والذب عن دين الله تعالى . فما هي نتائج دعوة هؤلاء لباطلهم ، وما هي ثمار وحصاد هذه السنوا ،. ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾ [ الأحزاب : 67 ]. ﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴾ [ يس : 62 ]. فلقد أتبعهم خلق كثير ، وهذه صورة ونتيجة لنهم لم يتخاذلوا عن الدعوة لباطلهم ويمكرون بأتباعهم ليلا ونهاراً . وهذه صورة توضحها هذه الآيات : ﴿ يَدَيْهِ وَلَوْتَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) @قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَن ِالْهُدَى بَعْدَ إِذْجَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32)وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَل ْمَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَننَّكْفُر َبِاللَّهِ وَنَجْعَل َلَهُ أَندَادًا ﴾[ سبأ :31 – 33 ]. فانظر أيها الحبيب : كيف أنهم ما كانوا يتركونهم لا بليل ولا بنهار ، يدعونهم إلى التمسك بهذا الباطل ، بل ما كانوا يتركون لهم الفرصة لكي يتفكروا في حالهم ، أو لكي يتعقلوا الأمور ، ولكنهم استحوذوا عليهم مع كل لحظة إلغاء لعقولهم وتفكيرهم فاتبعوهم على ضلالهم ، فأوردهم النار ، فبئس مثوى الظالمين . فلننادي أيها الحبيب ولنقول : · يا أهل الحق ، أين انتم من همة أهل الباطل ؟ · لماذا هذا التخاذل ؟ · ولماذا هذا التراجع ؟ · أتشك فيما أنت عليه ؟ · أتستحي من بيانه والجهر به؟ · أفلا تقتدي بهؤلاء في سعيهم الدائم لتحقيق هدفهم ، ورأيته دوماً وعدم غياب الهدف عن أعينهم ؟ · فقوموا أيها الأحباب : · إلى جنة عرضها السماوات والارض .