أبـــو بكــــر الصــــديــق رضـــي اللــه عنــه
هو عبدالله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي، ولد بمكة المكرمة، ونشأ سيداً من سادات قريش ومحيطاً بأنساب القبائل وأخبارها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش، حرم على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها، اشتغل بالتجارة وجمع ثروة كبيرة صار بها من أثرياء قريش، وعندما أسلم كان يملك أربعين ألف درهم، وقد لقبه الرسول صلى الله عليه وسلم عتيقاً لأنه نظر إليه صلى الله عليه وسلم فقال: هذا عتيق الله من النار، وقيل لأنه كان يعتق الرقاب،
كان رضي الله عنه من أقرب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعظمهم منزلة عنده، حتى قال فيه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: (إن من آمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة في الإسلام)، وحينما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس، كان أبو بكر أول من صدق بهذا النبأ، فلقبه الرسول الكريم بالصديق، ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة إلى المدينة المنورة، فقال تعالى: (ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا)، فلما مرض النبي صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه قال: (مُروا أبا بكر فليُصل بالناس، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، وإذا قام مقامك لم يكد يسمع الناس، قال: مُروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف، وعندما شعر صلى الله عليه وسلم بخفة، دخل المسجد فلما سمع أبا بكر حِسَّه ذهب ليتأخر، فأومأ إليه صلى الله عليه وسلم قمْ كما أنت، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً ومقتدياً بأبي بكر، وهذا من التكريم والتشريف له.
في أثناء مرض الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يصلي بالمسلمين، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبا بكر بالخلافة وقام رضي الله عنه في خلافته التي لم تزد على عامين ونصف بأعمال جليلة، من أبرزها إنفاذ جيش أسامة الذي كان قد أعده رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته لملاقاة الروم وتأديبهم، ومحاربة المرتدين والمتنبئين، وجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، وتوجيه الجيوش الإسلامية للعراق والشام.
توفي رضي الله عنه ليلة الثلاثاء في المدينة المنورة في العام الثالث عشر للهجرة وعمره أربع وستون عاماً، وأوصى بالخلافة من بعده لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وله من الأولاد عبدالله وأسماء ذات النطاقين وعبدالرحمن وعائشة أم المؤمنين ومحمد وأم كلثوم رضي الله عنهم أجمعين